في قلب العاصمة بغداد، ووسط أشهر ميادينها (ساحة التحرير)، تطل علينا مخلوقات (نصب الحرية) العمل الضخم لجواد، والذي كان يحلم به مزيناً مدينته التي لاحظ أنها خالية من التماثيل والمنحوتات ليصبح هذا النصب العمل الاكثر أهمية في تاريخ جواد الشخصي وتاريخ النحت العراقي والعربي ..معجزة فنية خالدة حلم بها الفنان طويلاً وفكر بما يليق بانتقال وطنه إلى نظام جديد (قيام الجمهورية في 14 / تموز 195 تآزر أفراد الجيش والشعب معاً لبنائها. في نصب الحرية يستحضر جواد ماضي العراق وحضارته يخبرنا جبرا ابراهيم جبرا بان فكرة نصب الحرية كانت ترود جواد منذ منتصف الاربعينيات لكنة لم يرى الوقت انذاك يصلح لتنفيذها وعندما جاءت ثورة 14 تموز ايقن جواد ان الوقت المناسب لتفيذ حلمه قد حان لتبدا الخطوات الاولى في تنفيذ الحلم
وفي آذار 1959 يسافر جواد إلى إيطاليا وسيقضي أشهراً طويلة في مصهر خاص بفلورنسا ، يصنع المصغرات بعد تخطيطها ثم يعمل مع مساعديه ( ومن أبرزهم محمد غني حكمت) لكن الفكرة الواضحة في ذهنه أنه سيصنع ملحمة (تحكي) تاريخاً وحاضراً لذا أراد لها أن تكون بهذه السعة وأراد لها أنه تكون بأسلوب النحت الناتئ– وليس المجسمات- متأثراً بالفن العراقي القديم وفكر في لوح عريض هو الأرضية التي تستقر عليه وحدات النصب التي يبلغ عددها أربع عشرة وحدة تضم خمسة وعشرين وجهاً عدا الحصان والثور .. ويمتد هذا اللوح المعلق خمسين متراً وبارتفاع أكثر من ثمانية أمتار . ووضع جواد منحوتاته على إفريز عرضي يجعلنا نتساءل أهو متأثر بالخط العربي فوق سطر طويل أم أنه يستوحي الأفاريز والجداريات العراقية القديمة ؟ أم استوحى ذلك من شكل (اللافتة)- أي القطعة البيضاء أو الملونة من القماش يرفعها المتظاهرون ويكتبون عليها الشعارات المؤيدة للجمهورية الوليدة؟
يذهب جبرا إبراهيم جبرا إلى تفسير وحدات النصب على أنها مفردات:
" بيت من الشعر العربي يقرأ من اليمين إلى اليسار فكل وحدة هي فكرة قائمة بذاتها ولكنها تتصل بالأخرى في سياق يؤلف المعنى الذي يعبر عن النصب بأجمعه: توق العراق إلى الحرية منذ القدم، وتقديمه الضحايا في سبيلها لقد اقترن اسم جواد سليم بنصب الحرية الذي اقترن بدوره بمدينة بغداد تاريخاً وفناً، وقد كان ذلك إنصافاً حقيقياً للفنان وللفن نفسه الذي أخذ مكانة حية وفاعلة في قلب الحياة والمكان...."
لقد اكتملت موجودات النصب الذي لا يغني وصفه عن رؤيته كأي عمل ضخم خالد.. ولعلها مفارقة عجيبة أن يموت جواد سليم في عام1961م عن إحدى وأربعين سنة من العمر ؛ وهو يعمل على وضع منحوتات النصب في مكانها في فضاء ساحة التحرير عندما داهمته نوبة قلبية توفي على أثرها يشكل نصب الحرية الذروة التي بلغها فن جواد سليم والمأثرة التي لم يأت بمثلها فنان عراقي منذ قرون .. انه عمل حاول فيه جواد أن يربط فنه بالناس الذين كانوا على الدوام مصدر إلهامه ففي كل مرسم جواد سليم ونحت نلمس عمق العلاقة مع الناس..فنان كان يخبئ في ثنايا روحه مشاهد جميلة من بغداد التي عشقها وعشق وجوه أهلها الطيبين جواد سليم الفنان والإنسان نستذكر ذكرى رحيله الـ48 والتي هي أيضا ذكرى مرور 48 عاما على تشييد ملحمته الخالدة نصب .
وفي آذار 1959 يسافر جواد إلى إيطاليا وسيقضي أشهراً طويلة في مصهر خاص بفلورنسا ، يصنع المصغرات بعد تخطيطها ثم يعمل مع مساعديه ( ومن أبرزهم محمد غني حكمت) لكن الفكرة الواضحة في ذهنه أنه سيصنع ملحمة (تحكي) تاريخاً وحاضراً لذا أراد لها أن تكون بهذه السعة وأراد لها أنه تكون بأسلوب النحت الناتئ– وليس المجسمات- متأثراً بالفن العراقي القديم وفكر في لوح عريض هو الأرضية التي تستقر عليه وحدات النصب التي يبلغ عددها أربع عشرة وحدة تضم خمسة وعشرين وجهاً عدا الحصان والثور .. ويمتد هذا اللوح المعلق خمسين متراً وبارتفاع أكثر من ثمانية أمتار . ووضع جواد منحوتاته على إفريز عرضي يجعلنا نتساءل أهو متأثر بالخط العربي فوق سطر طويل أم أنه يستوحي الأفاريز والجداريات العراقية القديمة ؟ أم استوحى ذلك من شكل (اللافتة)- أي القطعة البيضاء أو الملونة من القماش يرفعها المتظاهرون ويكتبون عليها الشعارات المؤيدة للجمهورية الوليدة؟
يذهب جبرا إبراهيم جبرا إلى تفسير وحدات النصب على أنها مفردات:
" بيت من الشعر العربي يقرأ من اليمين إلى اليسار فكل وحدة هي فكرة قائمة بذاتها ولكنها تتصل بالأخرى في سياق يؤلف المعنى الذي يعبر عن النصب بأجمعه: توق العراق إلى الحرية منذ القدم، وتقديمه الضحايا في سبيلها لقد اقترن اسم جواد سليم بنصب الحرية الذي اقترن بدوره بمدينة بغداد تاريخاً وفناً، وقد كان ذلك إنصافاً حقيقياً للفنان وللفن نفسه الذي أخذ مكانة حية وفاعلة في قلب الحياة والمكان...."
لقد اكتملت موجودات النصب الذي لا يغني وصفه عن رؤيته كأي عمل ضخم خالد.. ولعلها مفارقة عجيبة أن يموت جواد سليم في عام1961م عن إحدى وأربعين سنة من العمر ؛ وهو يعمل على وضع منحوتات النصب في مكانها في فضاء ساحة التحرير عندما داهمته نوبة قلبية توفي على أثرها يشكل نصب الحرية الذروة التي بلغها فن جواد سليم والمأثرة التي لم يأت بمثلها فنان عراقي منذ قرون .. انه عمل حاول فيه جواد أن يربط فنه بالناس الذين كانوا على الدوام مصدر إلهامه ففي كل مرسم جواد سليم ونحت نلمس عمق العلاقة مع الناس..فنان كان يخبئ في ثنايا روحه مشاهد جميلة من بغداد التي عشقها وعشق وجوه أهلها الطيبين جواد سليم الفنان والإنسان نستذكر ذكرى رحيله الـ48 والتي هي أيضا ذكرى مرور 48 عاما على تشييد ملحمته الخالدة نصب .
0 التعليقات:
إرسال تعليق